تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
18149 مشاهدة print word pdf
line-top
ظاهرة ضعف الإيمان ومظاهرها

الذين يقعون في المعاصي، ويتركون العبادات ضعيفٌ إيمانُهم، الذين يتركون الصلوات، أو يتكاسلون عن الجماعة، أو يفرطون في كثير من الأوقات، أو يرتكبون محرمات، يفعلون الفواحش، كفاحشة الزنا، وفاحشة الربا، وفاحشة الخمور، وما أشبه ذلك، والمخدرات، وما أشبهها، ما الذي حملهم على ذلك؟
لو كانوا يصدقون بأن هناك نارا أعدها الله لمن عصى ما أقدموا عليها.
لو قيل لأحدهم: إن هناك من سوف يحرقك في نار لهرب من الإحراق في الدنيا، لو قيل: إن هناك من يهددك بأن يضربك، ويجلدك جلدا شديدا؛ لأنك أخللت بالنظم، أو خالفت التعليمات، أو ما أشبه ذلك لاستقام، ولم يعمل شيئا يخالف النظم، ولا يخالف التعليمات التي تعلمها الدول.
يخشى من جلدات يجلدها، يخشى أن يسجن يوما، أو نصف يوم، أو يومين في سجن قد يكون فيه فُرُش، وقد يكون فيه تهوية، وما أشبه ذلك، فيصدق على مثل هؤلاء قول الله تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وقوله إخبارا عن كثير أنهم يخشون الناس ولا يخشون الله فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا .
فالذين يصدقون بالبعث بعد الموت، ويؤمنون به إيمانا صادقا، ويعتقدون أنها ستعرض عليهم أعمالهم، صغيرها وكبيرها، يعتقدون أن الله -سبحانه وتعالى- سيجازيهم على الأعمال، يعتقدون أن هناك نارا أعدها الله لمن عصى، ولمن تكبر وطغى، وأن هناك جنة عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ كيف لا تظهر عليهم آثار هذه الأعمال؟ فنقول: إن علينا أيها الإخوة أن نتعلم ثم نعمل.
ذكرت لكم وسائل التعليم، أنكم يمكنكم أن تتعلموا في المساجد، وأن تتعلموا من الخطب، وأن تتعلموا في المحاضرات، وأن تتعلموا في المصاحف، وأن تتعلموا في كتب الحديث، وكتب الفقه، وكتب الأدب، وما أشبهها، وأن تتعلموا من الإذاعة، أو تتعلموا من الأشرطة، أو تتعلموا بواسطة المكاتبة، أو بواسطة المكالمات، وما أشبهها، وإذا كان كذلك فليس عليكم أن تبقوا على الجهل؛ فإن ذلك نقص وعيب.
وإذا تعلمتم فليظهر عليكم أثر العلم الذي هو العمل، والذي هو النتيجة، فإن ثمرة العلم العمل، وإن النتيجة الحسنة هي أن الإنسان بعد أن يتعلم يرى مطبقا لما عرفه، وعاملا لما علمه الله، ويرى - أيضا- ناشرا لما عنده من المعلومات، متقبلا للتعليم الذي يتلقاه عن صغير وكبير.
لا تحتقر نفسك وأنت تعلم مسألة أن تعلمها من يجهلها، ولا تتكبر وأنت تجهل مسألة أن تأخذها من أصغر منك، ولو أن تتعلمها من ولدك الصغير أو ابنتك الصغيرة، إذا أفادوك فائدة فإنك تقبلها وتعمل بها، هكذا يكون أهل الإيمان، وأهل العمل الصالح.
وأما غيره فإما أنهم معرضون نعوذ بالله من الإعراض الذي توعد الله عليه لقوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
هؤلاء الذين إذا سمعوا الذكر إذا سمعوا الوعظ أو التذكير هربوا، مثلهم الله –تعالى- بقوله تعالى: فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ فهؤلاء معرضون.
كذلك -أيضا- الذين لا يأتون إلا لماما، لا يأتون المساجد إلا لماما، هؤلاء -أيضا- ممن لم يتعلموا أو لا يهمهم العلم.
ثالثا- الذين لا يحضرون -مثلا- لصلاة الجمعة إلا متأخرين في آخر الخطبة أو بعد الإقامة، وعلامتهم -أيضا- أنهم يخرجون من المساجد، مساجد الجماعة بعدما يصلون دون أن يتنفلوا، ودون أن يأتوا بالأذكار والأوراد، وما أشبه ذلك، لا شك أن هؤلاء -أيضا- من المعرضين.
يدخلون في الإعراض عن ذكر الله –تعالى- في هذه الآية: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا يدخلون في الذين إذا سمعوا ذكر الله هربوا منه، وما أكثرهم، فكثير إذا سمعوا موعظة هربوا منها، إما أنهم ليسوا من أهلها في نظرهم أنها لغيرهم، وإما أنهم يدعون الاستغناء، وأنهم ليسوا في حاجة، وأنهم عارفون، ولا يأتي الواحد أو المرشد أو الخطيب بشيء لا يعرفونه.
ونقول: لو كنتم تعرفون لرأينا أثر هذا العلم، وأثر هذه المعرفة على أعمالكم؛ فإن المتعلم والعارف فتظهر عليه العلامات التي هي بضد علامات هؤلاء المعرضين، قال الله –تعالى- لما ذكر القرآن: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ القسوة لها أسباب.

line-bottom