اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
15572 مشاهدة
ظاهرة ضعف الإيمان ومظاهرها

الذين يقعون في المعاصي، ويتركون العبادات ضعيفٌ إيمانُهم، الذين يتركون الصلوات، أو يتكاسلون عن الجماعة، أو يفرطون في كثير من الأوقات، أو يرتكبون محرمات، يفعلون الفواحش، كفاحشة الزنا، وفاحشة الربا، وفاحشة الخمور، وما أشبه ذلك، والمخدرات، وما أشبهها، ما الذي حملهم على ذلك؟
لو كانوا يصدقون بأن هناك نارا أعدها الله لمن عصى ما أقدموا عليها.
لو قيل لأحدهم: إن هناك من سوف يحرقك في نار لهرب من الإحراق في الدنيا، لو قيل: إن هناك من يهددك بأن يضربك، ويجلدك جلدا شديدا؛ لأنك أخللت بالنظم، أو خالفت التعليمات، أو ما أشبه ذلك لاستقام، ولم يعمل شيئا يخالف النظم، ولا يخالف التعليمات التي تعلمها الدول.
يخشى من جلدات يجلدها، يخشى أن يسجن يوما، أو نصف يوم، أو يومين في سجن قد يكون فيه فُرُش، وقد يكون فيه تهوية، وما أشبه ذلك، فيصدق على مثل هؤلاء قول الله تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وقوله إخبارا عن كثير أنهم يخشون الناس ولا يخشون الله فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا .
فالذين يصدقون بالبعث بعد الموت، ويؤمنون به إيمانا صادقا، ويعتقدون أنها ستعرض عليهم أعمالهم، صغيرها وكبيرها، يعتقدون أن الله -سبحانه وتعالى- سيجازيهم على الأعمال، يعتقدون أن هناك نارا أعدها الله لمن عصى، ولمن تكبر وطغى، وأن هناك جنة عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ كيف لا تظهر عليهم آثار هذه الأعمال؟ فنقول: إن علينا أيها الإخوة أن نتعلم ثم نعمل.
ذكرت لكم وسائل التعليم، أنكم يمكنكم أن تتعلموا في المساجد، وأن تتعلموا من الخطب، وأن تتعلموا في المحاضرات، وأن تتعلموا في المصاحف، وأن تتعلموا في كتب الحديث، وكتب الفقه، وكتب الأدب، وما أشبهها، وأن تتعلموا من الإذاعة، أو تتعلموا من الأشرطة، أو تتعلموا بواسطة المكاتبة، أو بواسطة المكالمات، وما أشبهها، وإذا كان كذلك فليس عليكم أن تبقوا على الجهل؛ فإن ذلك نقص وعيب.
وإذا تعلمتم فليظهر عليكم أثر العلم الذي هو العمل، والذي هو النتيجة، فإن ثمرة العلم العمل، وإن النتيجة الحسنة هي أن الإنسان بعد أن يتعلم يرى مطبقا لما عرفه، وعاملا لما علمه الله، ويرى - أيضا- ناشرا لما عنده من المعلومات، متقبلا للتعليم الذي يتلقاه عن صغير وكبير.
لا تحتقر نفسك وأنت تعلم مسألة أن تعلمها من يجهلها، ولا تتكبر وأنت تجهل مسألة أن تأخذها من أصغر منك، ولو أن تتعلمها من ولدك الصغير أو ابنتك الصغيرة، إذا أفادوك فائدة فإنك تقبلها وتعمل بها، هكذا يكون أهل الإيمان، وأهل العمل الصالح.
وأما غيره فإما أنهم معرضون نعوذ بالله من الإعراض الذي توعد الله عليه لقوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
هؤلاء الذين إذا سمعوا الذكر إذا سمعوا الوعظ أو التذكير هربوا، مثلهم الله –تعالى- بقوله تعالى: فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ فهؤلاء معرضون.
كذلك -أيضا- الذين لا يأتون إلا لماما، لا يأتون المساجد إلا لماما، هؤلاء -أيضا- ممن لم يتعلموا أو لا يهمهم العلم.
ثالثا- الذين لا يحضرون -مثلا- لصلاة الجمعة إلا متأخرين في آخر الخطبة أو بعد الإقامة، وعلامتهم -أيضا- أنهم يخرجون من المساجد، مساجد الجماعة بعدما يصلون دون أن يتنفلوا، ودون أن يأتوا بالأذكار والأوراد، وما أشبه ذلك، لا شك أن هؤلاء -أيضا- من المعرضين.
يدخلون في الإعراض عن ذكر الله –تعالى- في هذه الآية: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا يدخلون في الذين إذا سمعوا ذكر الله هربوا منه، وما أكثرهم، فكثير إذا سمعوا موعظة هربوا منها، إما أنهم ليسوا من أهلها في نظرهم أنها لغيرهم، وإما أنهم يدعون الاستغناء، وأنهم ليسوا في حاجة، وأنهم عارفون، ولا يأتي الواحد أو المرشد أو الخطيب بشيء لا يعرفونه.
ونقول: لو كنتم تعرفون لرأينا أثر هذا العلم، وأثر هذه المعرفة على أعمالكم؛ فإن المتعلم والعارف فتظهر عليه العلامات التي هي بضد علامات هؤلاء المعرضين، قال الله –تعالى- لما ذكر القرآن: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ القسوة لها أسباب.